منذ إعلان وزارة الري عزمها إجراء ترميمات وأعمال لصيانة النصب التذكاري للصداقة المصرية السوفيتية بالسد العالي والشكوك تحيط بهذا الإعلان، فالبداية التي توارت فيها صورة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في خلفية النصب ليحل محلها صورة السادات كانت بدعوي التطوير وتغيير اسم بحيرة ناصر إلي بحيرة السد كانت أيضا بدعوي التطوير ومازالت الأيادي تعبث بالمشروع القومي الذي التف حوله الملايين من الشعب العربي المصري.
قصة التطوير المزعومة تثير المخاوف من الأيادي المرتعشة التي تحاول النيل من الطابع الفني والتاريخي والتوثيقي لهذا الصرح العظيم التي تعود بنا إلي صفحة ناصعة من صفحات النضال الوطني التي خاضها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.
البداية كما يحكيها سنوسي محمد أحد السواعد التي شاركت في بناء السد العالي منذ الإعلان في الصحف القومية عن بدء أعمال التطوير في أكتوبر الماضي داخل النصب التذكاري للصداقة المصرية السوفيتية، الأمر الذي أثار حفيظة أبناء السد العالي في مدينة أسوان لا سيما أن النصب التذكاري بحالة جيدة وليس بحاجة إلي ترميم، ورغم أنه يؤكد أننا لسنا ضد التطوير، إلا أن هناك مخاوف يستشعرها الجميع من المساس بهذا المشروع العظيم، فمن قبل تم نزع عدد لوحتين عند مدخل الطريق وعند المخرج وفي جسم السد العالي، هذه اللوحات كانت مقامة علي قواعد خرسانية بطول 40م*20 تحمل صورة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وفي الخلف منها توجد جميع إنجازات ثورة يوليو المجيدة، هذا التدليس حدث باسم التطوير أيضا. ويضيف سنوسي محمد أنهم يريدون عمل مصعد ثالث رغم وجود مصعدين داخل الورقات الثلاث لزهرة اللوتس التي يتخذها تصميم النصب التذكاري الذي يحكي تاريخ مصر في الزراعة أو السد العالي أو عملية الانماء بفعل نهر النيل العظيم. ويتساءل سنوسي في أي الورقات سيتم التشوية لوضع المصعد الجديد؟ الذي يتم تجهيزه من أجل السعة الاستيعابية للضيوف، مشيرا إلي أننا نعلم أن وراء هذا التشوية هم الصهاينة والأمريكان الذين جاءوا بدعوي إصلاح ما أفسده السوفييت بالسد العالي، والحقيقة أنهم استبدلوا 12 ريشة وقاموا بتقطيع هذه التوربينات وبيعها خردة، كما باعوا بحيرة ناصر لشركات الصيد بدلا من الجمعيات. ويهيب سنوسي جميع بناة السد العالي بوزارة الري وأعضاء مجلس الشعب عدم المساس بتراثنا أو محاولة طمس تاريخنا والوقوف أمام خطوات العمل التدميري الذي ينال من المشروع القومي رمز التحدي والصمود، مؤكدا أن هذه المخاوف لها ما يبررها باعتبار التاريخ الأسود لهذه القرارات تحت دعاوي التطوير وسرعان ما تتحول أمام خطوات العمل التدميري الذي ينال من المشروع القومي رمز التحدي والصمود، مؤكدا أن هذه المخاوف لها ما يبررها باعتبار التاريخ الأسود لهذه القرارات تحت دعاوي التطوير وسرعان ما تتحول هذه المبررات إلي واقع مرير يقوم علي تشويه التاريخ وطمسه.
الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ جامعة القاهرة يري أن المخاوف تمتد من أسوان حتي القاهرة بشأن النصب التذكاري الذي يتعرض للمساس بالطابع الفني والتاريخي والتوثيقي ويجب أن تكون محل اعتبار، فكلنا يعلم ما حدث من تغيير لإبراز صورة الرئيس السادات ووضع صورة الزعيم عبدالناصر في الخلفية، الأمر الذي يمثل إهانة للتاريخ كمحاولة للتمسح بعمل منسوب لزعيم بعينه هو جمال عبدالناصر الذي خاض معركة تأميم قناة السويس من أجل بناء السد العالي، ما حدث انتحال للتاريخ واصطناع لبطولة لم تكن موجودة، لافتا أن من يريد تخليد اسمه لابد أن يعمل عملا كبيرا أو يساهم في مشروع من المشروعات الكبري. فهناك مشروع توشكي في جنوب الوادي لماذا لا يقام بنصب تذكاري ويتركون السد العالي لحال سبيله!! ويتابع د. عاصم الدسوقي قائلا: لقد بدأت المؤامرة علي إنجازات الزعيم جمال عبدالناصر منذ تغيير اسم بحيرة ناصر إلي بحيرة السد أعقبها وضع صورة الرئيس السادات في محاولة لاخفاء صورة عبدالناصر رمز المقاومة، والآن يتم العبث في الخفاء بالنصب التذكاري مرة أخري دون أية شفافية، فالشركة الموكلة بهذا العمل لن تفصح عن نيتها بشأن الأعمال التي تجري في النصب التذكاري بل سيحاط المكان بسياج لإخفاء ما يدور بالداخل لنفاجأ في نهاية الأمر بكارثة جديدة. ويؤكد د.الدسوقي أنه علي يقين أن هذه مطالب أمريكية صهيونية لإزالة اسم الزعيم من الوجود وتشويه صورته، فقد طالعت بعض كتب التاريخ المقررة في المدارس الأمريكية ولاحظت أنه حين تذكر قناة السويس تجد التشويه المتعمد لهذا التاريخ، ولأنه زعيم ارتبط اسمه بالوحدة العربية وتحرير فلسطين وكل شبر من الأرض العربية، فضلا عن الكرامة والعزة والنزاهة وطهارة اليد تلك الصفات التي تخيف الأعداء واتباعهم من الزعيم عبدالناصر حيا وميتا، وإحكام المؤامرة علي تاريخه للقضاء عليه، ويتساءل د. عاصم الدسوقي إذا حاولوا إخفاء صورته فماذا يفعلون أمام صورته التي ترفع في الأقطار العربية لا سيما وقت الأزمات والمحن التي تمر بها الأمة العربية وماذا سيفعل هؤلاء أمام المشاعر المتدفقة لزعيم أعطي حياته للأمة العربية، فارتبطت الزعامة به ولم يسع هو إليها، فهو الذي أسس مديرية التحرير ولم يسمها مديرية ناصر وكذلك الحال في بحيرة ناصر التي أطلقها الشعب عليه، لأنه لم يهدف يوما إلي تحقيق مجد أو جاه. لذلك نطالب جميعا بمساءلة شعبية لمن يريد المساس بذاكرة التاريخ المصري، وليكن هناك إعلان واضح بشأن أعمال الترميم والصيانة التي تجري في النصب التذكاري الشاهد علي هذا الإنجاز العظيم.
وفي إشارة واضحة للدكتور أحمد الصاوي أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الآثار جامعة القاهرة في إحدي مقالاته الصحفية بمجلة « الموقف العربي» عبر عن القلق الذي يعتري شهود العيان بمدينة أسوان من جراء عملية ترميم النصب التذكاري للصداقة المصرية السوفيتية خشية حذف بعض الكتابات لإحلالها بأشياء أخري لا يعلم أحد عنها شيئا. كما أن المخاوف امتدت بعد الإعلان عن تزويد النصب بمصعد إضافي عن طريق شركة المقاولون العرب بتكلفة تتجاوز الأربعة ملايين من الجنيهات والسؤال الذي يطرح نفسه أين سيكون موضع هذا المصعد وعلي حساب أي ورقة من ورقات زهرة اللوتس التي يتخذها تصميم النصب علما بأن كل ورقة منها تحوي قصة عن النهر أو الزراعة أو السد العالي. ويعلق د. أحمد الصاوي قائلا: طالما أننا نتحدث عن منشآت لها ذكري تاريخية إذن فنحن أمام قضية رأي عام تهم المجتمع بالدرجة الأولي ولا ترتبط بالشركات، ومن ثم ينبغي أن يطرح الموضوع علي الرأي العام أولا من خلال المتخصصين والمسئولين، خاصة أن وزارة الري رصدت ميزانية ضخمة لأعمال الصيانة والتطوير، وهي مسألة ترتبط بأداء الحكومة فكيف تسند هذه الأعمال بالأمر المباشر لشركة المقاولون العرب، علما بأن الشركة الأصلية التي قامت بأعمال البناء موجودة حتي الآن وهي شركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح صاحبة حق أصيل للقيام بأعمال التطوير، لا سيما أنها تحتفظ بالتصميمات الهندسية والرسومات التي تحدد أسلوب التطوير وإمكانية إلحاق مصعد في هذا المكان أم لا. ويضيف د. الصاوي لست أدري لماذا أسندت هذه الأعمال لشركة المقاولون العرب هذه علامة استفهام كبيرة تحتاج إلي تفسير من المسئولين مؤكدا أن ما يحدث الآن من تطوير في النصب التذكاري يمثل إفسادا للمعني التاريخي لأن هذا الرمز يحكي معركة الشعب المصري من أجل التشييد والبناء وليس هناك من أمة تعدل من تاريخها أو نصب يصور وقائع ملحمة كفاح. فللسد العالي قصة تاريخية شهيرة حفرت بحروف من نور سيظل التاريخ المصري يذكرها علي مر العصور، وقصة بناء السد العالي كانت بالقرار التاريخي الذي اتخذه الزعيم جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس في 26 يوليو 1956 بعد أن سحبت الولايات المتحدة الأمريكية مساعداتها لتمويل بناء السد العالي الذي بدأ التفكير في إنشائه عام 1952، حين طرح المهندس اليوناني المصري «دانينيوس» المشروع أمام حكومة الثورة، وشرع الزعيم جمال عبدالناصر في الإعداد لبناء السد العالي بمشاركة السوفييت الذين أقرضوا مصر قرضا بمبلغ 2.113 مليون جنيه مصري حيث بلغت تكاليف الإنشاء ومحطة الكهرباء حوالي 45 مليون جنيه مصري، ويعتبر السد العالي من المشروعات ذات العائد الاقتصادي المرتفع مقارنة بممثليه من المشروعات العالمية الأخري إذ بلغ العائد خلال عشر سنوات منذ بدء إنشائه ما لا يقل عن عشرين ضعفا مما أنفق عليه. وقد بلغت تكلفة بناء السد العالي 400 مليون جنيه ولو بُني اليوم ستبلغ تكلفته 18 مليار جنيه حسب تقديرات الباحثين، هذا السد الذي بني علي نهر النيل في جنوب مصر ساعد كثيرا علي التحكم في تدفق المياه والتخفيف من آثار فيضان النيل، ويستخدم لتوليد الكهرباء وهو يمتد بطول 3600 متر وعرض القاعدة 980 متراً أما عرض القمة فيبلغ 40 مترا والارتفاع 111 مترا، أما جسم السد فيتكون من 43 مليون متر مكعب من الأسمنت والحديد وبعض المواد الأخري، ويمكن أن يمر خلال السد تدفق مائي يصل إلي 11 ألف متر مكعب من الماء في الثانية الواحدة، فيغلق السد مجري النهر علي مسيرة حوالي سبعة كيلو مترات إلي الجنوب من سد أسوان القديم ويحول المياه إلي مجري جديد عبارة عن قناة مكشوفة تتوسطها ستة أنفاق متصلة في نهايتها بمحطة كهرباء مزودة باثنتي عشرة وحدة وتبلغ سعة بحيرة ناصر 164 مليار متر مكعب منها 30 مليار مكعب لاستيعاب الطمي بعد استمرار رسوبه لعدة قرون و37 مليار متر مكعب لمواجهة الفيضانات العالية و97 مليار متر مكعب تمثل السعة الحية للخزان التي تضمن تصرفا سنويا ثابتا مقداره 84 مليار متر مكعب يخص مصر منها 5.55 مليار ويخص السودان 5.18 مليار والباقي 10 مليارات مقدر أن يفقد من حوض الخزان بالتبخر والتسرب.
أما عن حجم الأعمال التي أوكلت لشركة المقاولون العرب في بناء السد العالي فهي لم تتعد بنسبة 12% بميزانية 40 مليون جنيه من جملة التكاليف التي بلغت 330 مليون جنيه عكس الادعاءات التي روجها المهندس عثمان أحمد عثمان في مذكراته، فأعمال الشركة اقتصرت علي أعمال الحفر والهدم، في حين كان حجم أعمال شركة مصر للأسمنت المسلح التي قامت بعملية البناء الحقيقي بميزانية وصلت إلي 60 مليون جنيه أي بنسبة 18% وهو ما يعادل مرة ونصف المرة حجم الأعمال التي أنجزتها شركة المقاولون العرب.
والجدير بالذكر أن الأعمال التي قامت بها شركة مصر للأسمنت هي التبطين للانفاق وبناء المحطات الكهربائية أما الستارة الرئيسية للحقن فقد قامت بها شركة مصر للأسمنت بالتعاون مع الهيئة العامة للسد العالي. وبدأ تنفيذ المشروع العملاق في 9 يناير 1960 حيث انتهت المرحلة الأولي عام 1967 وارتفع جسم السد إلي منسوب 172 مترا وانطلقت الشرارة الأولي من محطة كهرباء السد العالي في 9 يناير 1969
صور السد العالي
قصة التطوير المزعومة تثير المخاوف من الأيادي المرتعشة التي تحاول النيل من الطابع الفني والتاريخي والتوثيقي لهذا الصرح العظيم التي تعود بنا إلي صفحة ناصعة من صفحات النضال الوطني التي خاضها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.
البداية كما يحكيها سنوسي محمد أحد السواعد التي شاركت في بناء السد العالي منذ الإعلان في الصحف القومية عن بدء أعمال التطوير في أكتوبر الماضي داخل النصب التذكاري للصداقة المصرية السوفيتية، الأمر الذي أثار حفيظة أبناء السد العالي في مدينة أسوان لا سيما أن النصب التذكاري بحالة جيدة وليس بحاجة إلي ترميم، ورغم أنه يؤكد أننا لسنا ضد التطوير، إلا أن هناك مخاوف يستشعرها الجميع من المساس بهذا المشروع العظيم، فمن قبل تم نزع عدد لوحتين عند مدخل الطريق وعند المخرج وفي جسم السد العالي، هذه اللوحات كانت مقامة علي قواعد خرسانية بطول 40م*20 تحمل صورة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وفي الخلف منها توجد جميع إنجازات ثورة يوليو المجيدة، هذا التدليس حدث باسم التطوير أيضا. ويضيف سنوسي محمد أنهم يريدون عمل مصعد ثالث رغم وجود مصعدين داخل الورقات الثلاث لزهرة اللوتس التي يتخذها تصميم النصب التذكاري الذي يحكي تاريخ مصر في الزراعة أو السد العالي أو عملية الانماء بفعل نهر النيل العظيم. ويتساءل سنوسي في أي الورقات سيتم التشوية لوضع المصعد الجديد؟ الذي يتم تجهيزه من أجل السعة الاستيعابية للضيوف، مشيرا إلي أننا نعلم أن وراء هذا التشوية هم الصهاينة والأمريكان الذين جاءوا بدعوي إصلاح ما أفسده السوفييت بالسد العالي، والحقيقة أنهم استبدلوا 12 ريشة وقاموا بتقطيع هذه التوربينات وبيعها خردة، كما باعوا بحيرة ناصر لشركات الصيد بدلا من الجمعيات. ويهيب سنوسي جميع بناة السد العالي بوزارة الري وأعضاء مجلس الشعب عدم المساس بتراثنا أو محاولة طمس تاريخنا والوقوف أمام خطوات العمل التدميري الذي ينال من المشروع القومي رمز التحدي والصمود، مؤكدا أن هذه المخاوف لها ما يبررها باعتبار التاريخ الأسود لهذه القرارات تحت دعاوي التطوير وسرعان ما تتحول أمام خطوات العمل التدميري الذي ينال من المشروع القومي رمز التحدي والصمود، مؤكدا أن هذه المخاوف لها ما يبررها باعتبار التاريخ الأسود لهذه القرارات تحت دعاوي التطوير وسرعان ما تتحول هذه المبررات إلي واقع مرير يقوم علي تشويه التاريخ وطمسه.
الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ جامعة القاهرة يري أن المخاوف تمتد من أسوان حتي القاهرة بشأن النصب التذكاري الذي يتعرض للمساس بالطابع الفني والتاريخي والتوثيقي ويجب أن تكون محل اعتبار، فكلنا يعلم ما حدث من تغيير لإبراز صورة الرئيس السادات ووضع صورة الزعيم عبدالناصر في الخلفية، الأمر الذي يمثل إهانة للتاريخ كمحاولة للتمسح بعمل منسوب لزعيم بعينه هو جمال عبدالناصر الذي خاض معركة تأميم قناة السويس من أجل بناء السد العالي، ما حدث انتحال للتاريخ واصطناع لبطولة لم تكن موجودة، لافتا أن من يريد تخليد اسمه لابد أن يعمل عملا كبيرا أو يساهم في مشروع من المشروعات الكبري. فهناك مشروع توشكي في جنوب الوادي لماذا لا يقام بنصب تذكاري ويتركون السد العالي لحال سبيله!! ويتابع د. عاصم الدسوقي قائلا: لقد بدأت المؤامرة علي إنجازات الزعيم جمال عبدالناصر منذ تغيير اسم بحيرة ناصر إلي بحيرة السد أعقبها وضع صورة الرئيس السادات في محاولة لاخفاء صورة عبدالناصر رمز المقاومة، والآن يتم العبث في الخفاء بالنصب التذكاري مرة أخري دون أية شفافية، فالشركة الموكلة بهذا العمل لن تفصح عن نيتها بشأن الأعمال التي تجري في النصب التذكاري بل سيحاط المكان بسياج لإخفاء ما يدور بالداخل لنفاجأ في نهاية الأمر بكارثة جديدة. ويؤكد د.الدسوقي أنه علي يقين أن هذه مطالب أمريكية صهيونية لإزالة اسم الزعيم من الوجود وتشويه صورته، فقد طالعت بعض كتب التاريخ المقررة في المدارس الأمريكية ولاحظت أنه حين تذكر قناة السويس تجد التشويه المتعمد لهذا التاريخ، ولأنه زعيم ارتبط اسمه بالوحدة العربية وتحرير فلسطين وكل شبر من الأرض العربية، فضلا عن الكرامة والعزة والنزاهة وطهارة اليد تلك الصفات التي تخيف الأعداء واتباعهم من الزعيم عبدالناصر حيا وميتا، وإحكام المؤامرة علي تاريخه للقضاء عليه، ويتساءل د. عاصم الدسوقي إذا حاولوا إخفاء صورته فماذا يفعلون أمام صورته التي ترفع في الأقطار العربية لا سيما وقت الأزمات والمحن التي تمر بها الأمة العربية وماذا سيفعل هؤلاء أمام المشاعر المتدفقة لزعيم أعطي حياته للأمة العربية، فارتبطت الزعامة به ولم يسع هو إليها، فهو الذي أسس مديرية التحرير ولم يسمها مديرية ناصر وكذلك الحال في بحيرة ناصر التي أطلقها الشعب عليه، لأنه لم يهدف يوما إلي تحقيق مجد أو جاه. لذلك نطالب جميعا بمساءلة شعبية لمن يريد المساس بذاكرة التاريخ المصري، وليكن هناك إعلان واضح بشأن أعمال الترميم والصيانة التي تجري في النصب التذكاري الشاهد علي هذا الإنجاز العظيم.
وفي إشارة واضحة للدكتور أحمد الصاوي أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الآثار جامعة القاهرة في إحدي مقالاته الصحفية بمجلة « الموقف العربي» عبر عن القلق الذي يعتري شهود العيان بمدينة أسوان من جراء عملية ترميم النصب التذكاري للصداقة المصرية السوفيتية خشية حذف بعض الكتابات لإحلالها بأشياء أخري لا يعلم أحد عنها شيئا. كما أن المخاوف امتدت بعد الإعلان عن تزويد النصب بمصعد إضافي عن طريق شركة المقاولون العرب بتكلفة تتجاوز الأربعة ملايين من الجنيهات والسؤال الذي يطرح نفسه أين سيكون موضع هذا المصعد وعلي حساب أي ورقة من ورقات زهرة اللوتس التي يتخذها تصميم النصب علما بأن كل ورقة منها تحوي قصة عن النهر أو الزراعة أو السد العالي. ويعلق د. أحمد الصاوي قائلا: طالما أننا نتحدث عن منشآت لها ذكري تاريخية إذن فنحن أمام قضية رأي عام تهم المجتمع بالدرجة الأولي ولا ترتبط بالشركات، ومن ثم ينبغي أن يطرح الموضوع علي الرأي العام أولا من خلال المتخصصين والمسئولين، خاصة أن وزارة الري رصدت ميزانية ضخمة لأعمال الصيانة والتطوير، وهي مسألة ترتبط بأداء الحكومة فكيف تسند هذه الأعمال بالأمر المباشر لشركة المقاولون العرب، علما بأن الشركة الأصلية التي قامت بأعمال البناء موجودة حتي الآن وهي شركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح صاحبة حق أصيل للقيام بأعمال التطوير، لا سيما أنها تحتفظ بالتصميمات الهندسية والرسومات التي تحدد أسلوب التطوير وإمكانية إلحاق مصعد في هذا المكان أم لا. ويضيف د. الصاوي لست أدري لماذا أسندت هذه الأعمال لشركة المقاولون العرب هذه علامة استفهام كبيرة تحتاج إلي تفسير من المسئولين مؤكدا أن ما يحدث الآن من تطوير في النصب التذكاري يمثل إفسادا للمعني التاريخي لأن هذا الرمز يحكي معركة الشعب المصري من أجل التشييد والبناء وليس هناك من أمة تعدل من تاريخها أو نصب يصور وقائع ملحمة كفاح. فللسد العالي قصة تاريخية شهيرة حفرت بحروف من نور سيظل التاريخ المصري يذكرها علي مر العصور، وقصة بناء السد العالي كانت بالقرار التاريخي الذي اتخذه الزعيم جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس في 26 يوليو 1956 بعد أن سحبت الولايات المتحدة الأمريكية مساعداتها لتمويل بناء السد العالي الذي بدأ التفكير في إنشائه عام 1952، حين طرح المهندس اليوناني المصري «دانينيوس» المشروع أمام حكومة الثورة، وشرع الزعيم جمال عبدالناصر في الإعداد لبناء السد العالي بمشاركة السوفييت الذين أقرضوا مصر قرضا بمبلغ 2.113 مليون جنيه مصري حيث بلغت تكاليف الإنشاء ومحطة الكهرباء حوالي 45 مليون جنيه مصري، ويعتبر السد العالي من المشروعات ذات العائد الاقتصادي المرتفع مقارنة بممثليه من المشروعات العالمية الأخري إذ بلغ العائد خلال عشر سنوات منذ بدء إنشائه ما لا يقل عن عشرين ضعفا مما أنفق عليه. وقد بلغت تكلفة بناء السد العالي 400 مليون جنيه ولو بُني اليوم ستبلغ تكلفته 18 مليار جنيه حسب تقديرات الباحثين، هذا السد الذي بني علي نهر النيل في جنوب مصر ساعد كثيرا علي التحكم في تدفق المياه والتخفيف من آثار فيضان النيل، ويستخدم لتوليد الكهرباء وهو يمتد بطول 3600 متر وعرض القاعدة 980 متراً أما عرض القمة فيبلغ 40 مترا والارتفاع 111 مترا، أما جسم السد فيتكون من 43 مليون متر مكعب من الأسمنت والحديد وبعض المواد الأخري، ويمكن أن يمر خلال السد تدفق مائي يصل إلي 11 ألف متر مكعب من الماء في الثانية الواحدة، فيغلق السد مجري النهر علي مسيرة حوالي سبعة كيلو مترات إلي الجنوب من سد أسوان القديم ويحول المياه إلي مجري جديد عبارة عن قناة مكشوفة تتوسطها ستة أنفاق متصلة في نهايتها بمحطة كهرباء مزودة باثنتي عشرة وحدة وتبلغ سعة بحيرة ناصر 164 مليار متر مكعب منها 30 مليار مكعب لاستيعاب الطمي بعد استمرار رسوبه لعدة قرون و37 مليار متر مكعب لمواجهة الفيضانات العالية و97 مليار متر مكعب تمثل السعة الحية للخزان التي تضمن تصرفا سنويا ثابتا مقداره 84 مليار متر مكعب يخص مصر منها 5.55 مليار ويخص السودان 5.18 مليار والباقي 10 مليارات مقدر أن يفقد من حوض الخزان بالتبخر والتسرب.
أما عن حجم الأعمال التي أوكلت لشركة المقاولون العرب في بناء السد العالي فهي لم تتعد بنسبة 12% بميزانية 40 مليون جنيه من جملة التكاليف التي بلغت 330 مليون جنيه عكس الادعاءات التي روجها المهندس عثمان أحمد عثمان في مذكراته، فأعمال الشركة اقتصرت علي أعمال الحفر والهدم، في حين كان حجم أعمال شركة مصر للأسمنت المسلح التي قامت بعملية البناء الحقيقي بميزانية وصلت إلي 60 مليون جنيه أي بنسبة 18% وهو ما يعادل مرة ونصف المرة حجم الأعمال التي أنجزتها شركة المقاولون العرب.
والجدير بالذكر أن الأعمال التي قامت بها شركة مصر للأسمنت هي التبطين للانفاق وبناء المحطات الكهربائية أما الستارة الرئيسية للحقن فقد قامت بها شركة مصر للأسمنت بالتعاون مع الهيئة العامة للسد العالي. وبدأ تنفيذ المشروع العملاق في 9 يناير 1960 حيث انتهت المرحلة الأولي عام 1967 وارتفع جسم السد إلي منسوب 172 مترا وانطلقت الشرارة الأولي من محطة كهرباء السد العالي في 9 يناير 1969
صور السد العالي